في هذه اللحظات من هذه الجمعة المباركة ، يضمّ ثرى الوطن جسد آخر نسر من نسور الجزائر . عاد الدا حسين (لقب يطلق في بلاد القبائل على الشرفاء) ، من غربته التي دامت عمراً ليستقر في مثواه الأخير.كان آيت أحمد من مؤسسي جبهة التحرير ، وأحد التسعة الذين فجروا الثورة ضد المستعمر سنة 1954، الرجل الذي ما قال »نعم» إلاّ للجزائر ، على مدى عمره قال »لا» لكل قطاع التاريخ ، لكل مستبد برأيه، و لكل لصوص الوطن وسارقي أحلام الشعب.رفض تقلّد كلّ المناصب الرسمية التي حاولوا بها شراء ذمته ، وإسكات صوته ، ففاز في قلوب الجزائريين بمقام الأبطال الخالدين .ابن القبائل الشامخة ، الثائر الذي أنجبته جبال جرجرة هدية للجزائر ، حافظ حتى في موته على لقبه . الدا حسين » المعارض الأبدي » حياً وميتاً ، جاءنا كبيراً ، أبياً كما عاش ، أوصى أن يرفضوا عرض الدولة الجزائرية بعودة جثمانه في طائرة خاصة ، كما رفضت زوجته استخدام السيارات الرسمية لمرافقة موكبه الجنائزي ، غادر المطار إلى مسقط رأسه عابراً شوارع العاصمة وسط التصفيقات . وحين وصوله إلى مسقط رأسه حيث أوصى بدفنه في قريته الى جانب والديه وخاصة أمه التي توفيت سنة 1983 ولم يتمكن من حضور جنازتها لأنه كان مهددا بالسجن ، كان آلاف الجزائرين قد جاؤوا من كل صوب لاستقباله ، و الصلاة على روحه ، رافعين شعاره الخالد « جزائر حرة ديمقراطية » تقاطعهم التكبيرات والتهليلات عبر مكبرات الصوت.هل غدا الموت أكبر استفتاء لمحبة الشعب ؟ وهل أصبح التابوت صندوق الانتخابات الشعبية الوحيد الذي يصعب تزويره ؟الدا حسين ، يا سليل » المرابطين » والأولياء الصالحين ، نم قرير العين أيها الغالي فالجزائر التي جاهدت من أجلها ، وهرمت في حبها ، قالت لك بالدموع والزغاريد » أحبك
نص نشرته على صفحتها في الفاتح جانفي 2016
أحلام مستغانمي، كاتبة وروائية جزائرية. ولدت في 13 أبريل 1953 بتونس